Menu

تحليلحديث الفشل 

حلمي موسى

حلمي موسى

خاص. - بوابة الهدف


 

لا حديث في إسرائيل حالياً سوى عن أمرين: الفشل في قطاع غزة والفشل الأكبر في جنوب لبنان. وطبيعي أن الحديث عن الفشل يقود الإسرائيليين للتناقض فيما بينهم حول وجهة الحل. 
هناك في إسرائيل، وبينهم عضوا كابينت الحرب سابقاً بيني غانتس وغادي آيزنكوت، من يقولان بضرورة التوقف وقبول المقترح الأميركي لوقف النار وتبادل الأسرى وهذا يشمل أيضاً وقف النار مع حزب الله بتسوية أو من دون تسوية. وهناك من لا يزال يعتقد أن بوسع إسرائيل تحدي العالم والواقع وتوسيع الحرب في غزة وشن حرب ليس فقط في لبنان وإنما مع كل جهة تشارك أو تساند الأعداء. وواضح أن هذا التناقض يقسم الإسرائيليين إلى قسمين واضحين يصعب تقدير حجميهما. ولكن واضح أكثر أن نتائج الحرب في غزة ميدانياً وسياسياً واقتصادياً أظهرت للأغلبية حدود القوة لإسرائيل. وهذا ما خلق نوعاً من التوجه المضاد والمعاكس لما كان سائداً في العقود الأخيرة. فقد سادت مفاهيم ترى أن إسرائيل قوة عظمى تستطيع أن تفعل ما تشاء وهي قادرة على تحمل أعباء أي قرار. ولكن نتائج ٧ أكتوبر والحرب على غزة أيقظت كثيراً من الإسرائيليين على خطورة هذا الوهم.
ومن هنا بدأت نقاشات واسعة تتناول ليس فقط مجريات الحرب وإنما ما سبقها من تطورات فكرية وسياسية واقتصادية على مدى العقود الماضية. والبعض يعزو الفشل إلى اتفاقات أوسلو فيما يعزوها آخرون إلى فشل تنفيذ هذه الاتفاقيات. ويناقش آخرون مفاهيم سادت مثل جيش صغير وذكي وإنهاء مفهوم جيش الشعب.
وفي هذا السياق يتحدثون عن تنامي ظاهرة التدين والحريديم في المجتمع الإسرائيلي وبالتالي الانقسامات الدينية وتنامي قوى اليمين الفاشي. وعلى هذا الصعيد يبرز تراجع نسبة المجندين في الجيش ما حدا برئيس الأركان مؤخراً للإعلان عن أن الجيش بحاجة حالياً على الأقل لزيادة حجمه بحوالي ١٥ كتيبة أي ما لا يقل عن خمسة ألوية.
وهذا يقود إلى القناعات التي تتزايد حالياً بضرورة أن يتجنب الجيش حرباً واسعة في لبنان. فإسرائيل التي بنت نفسها على أساس القدرة على محاربة العرب في عدة جبهات تشعر حالياً بالعجز عن خوض الحرب في جبهتين. ويناقش كثيرون في أن حجم القوات الإسرائيلية ومتطلباتها من الأسلحة والذخائر وطول الحرب المتوقعة وما شابه يجعل من المستحيل على الجيش الإسرائيلي الإصرار على خوض هذه الحرب. 
يضاف إلى ذلك واقع الاختلاف بين إدارة بايدن وحكومة نتنياهو سواء على صفقة التبادل أو على فتح حرب مع لبنان وهذا ما يجعل التفكير بالحرب أصعب. فأميركا ليست مستعدة حالياً لحرب شاملة في المنطقة قد تشارك فيها أيضاً إيران و سوريا ما يمكن أن يشرك في الحرب دولاً عربية أخرى. وقد تفلت الأمور من يد أميركا جراء ذلك فتدخل دول عربية مستقرة حالياً في دائرة النزاع الداخلي وعدم الاستقرار. وسبق لأميركا أن فرضت قيوداً على ذخائر وأسلحة لإسرائيل كجزء من محاولة إبقائها على سكة المصلحة الأميركية. وهذا يمكن أن يتطور إلى صراع أكبر إذا ما وسعت إسرائيل حربها في لبنان.